محمد الشيباني
تخلى الكون عن واجبه نحو البشرية في نقطة لا يمكن لأحد أن يكون متاكدًا منها؛ تَمَسك بمَناشفك وأصدقائك وكُن يقظًا. فالافتقاْر الشديد إلى النظام الملحوظ قد يدفع البعض للاعتقاد بأن العالم من حولهم ينهار، ومع ذلك، فإن هدية الجيش هي النظام الرسمي، واقفًا بثبات في وجه الفوضى. أفكارنا مبنية على أنظمة تحفيزية أساسية، وبناء هذا النظام التحفيزي يأتي من تنظيم أي شيء. يجب أن يكون هناك شخص يأمر، إنها عقيدة حيث الله، ثم الدولة، ثم الحاكم يملون النصوص المقدسة المنسوجة في نسيج السلوك والفكر.
غالبًا ما شعرت بالتناقض تجاه المجتمع العسكري-الصناعي وقررت الصراع مع مزيج من الملاحظات وعناصر الطباعة ومختلف أشكال المشاعر والشكل المعين في سلسلة معقدة من الأشكال الملتوية والالتواءات المؤلمة من خلال الطباعة والحياة الساكنة والفيديو.
يحمل العمل التركيبي لمحمد الشيباني، والذي صمم بحجم الغرفة، اسم "وادي اللحوم" وهو عبارة عن مساحة خاضعة لنظام محكم من اللافتات والأنظمة التي تستحضر لدى المشاهد بيئة عسكرية صارمة في أسلوبها في ترسيم المساحات والفضاءات، حيث يتم توجيه المشاهد إلى الطريق الواجب أن يسلكه وهو يمشي داخل هذه المساحة. أما اسم العمل، والذي يمزج بين الجسد والمناظر الطبيعية، مهم للغاية، فوادي اللحوم (Meat Valley) هو ترجمة حرفية لاسم قاعدة معسكر تدريب.
وفي حين أن هناك توقعات ظاهرية عن تضحية وطنية مثل ما حصل في فيلم "الجندي" والذي تظهر في مشهد حفر خندق تأثيرات "كافكا" جلية، إلا أنه يمكن القول بأن المشاهد سوف يلاحظ قراءات واستنباطات أكثر غموضًا. أما الفيلم الثاني المعروض "تعرف على الميكانيكيات" فهو لمشاهد تفكيك سلاح على وقع نغمات تسجيلات إيقاعية لمسيرات وترانيم عسكرية، كما أن في عنوانه ايماءة لأغنية راب من أغاني المغني "أوبي ترايس".
أما اللافتات الحائمة في "سجل مشاركتي" فهي تعرض لغة المسؤولية الجماعية والبراءة وتستخدم الخط العربي القديم الذي يتذكره الشيباني منذ طفولته. وفي حين أن التعقيدات التركيبية في ثلاث من الملصقات هي جديدة، إلا أنها تبدو قديمة وتتداخل فيها صورة الفنان مع نصوص مذكرات يومية. طُبعت هذه الملصقات على ورق أرشيف وتعرضت لأحماض الأسيتات وفقًا لمعايير زمنية صارمة تشبه في صرامتها التدريبات العسكرية.
إلا أنه وبالرغم من هذه الروح التنظيمية، لا يمكن التغاضي عن وجود مَسَحات حنين إلى الماضي. يقوم الشيباني ببناء رواية ليست بالخطية يحتفظ خلالها بالسيطرة المطلقة على ما يكشفه عن هذا العالم تكون فيها رحلة البطل محجوبة عن الأعين ومخفية.
ولد محمد الشيباني في دبي وهو فنان كُتبْ رسوم مصورة إماراتي. حاز على بكالوريوس العلوم في التصميم الجرافيكي من الجامعة الأمريكية بالشارقة وشهادة ماجستير الفنون الجميلة في الفنون المتسلسلة من كلية سافانا للفنون والتصميم. يعمل بشكل تقليدي مستخدمًا أي أداة توفر خط حبر ويبدع قصصًا مستوحاة من فترة ماتشو للرسوم المصورة. عرض محمد أعماله مع فن ديزاين في أول معرض فاكي وأول معرض بروجكت ميجا. كما ساهم في مجلة آمور، آ ماجازين أوف راندوم مع عمله الذي يعيد فيه ابتكار غلاف ذا دارك نايت ريترنز لفرانك ميلر.
محمد متأثر فنيًا برواة القصص الرائعين مثل فرانك ميلر وديفيد مازوتشيلي وعظماء تلك الفترة. كما يخطط صفحاته بوفرة من درجات اللون الأسود ويستخدم الأشكال ليغمر المشاهد في رسومه المصورة.
يقيم محمد بدبي حيث يقسم وقت الرسم بين الانتهاء من أعماله الفنية ومطاردة بنات أخته للحصول على مواده