حصة الزرعوني
رحلتي نحو الفن كانت تجريبية للغاية، سلسلة من التجارب والأخطاء، سعيًا وراء صوتي ومحاولة فهم البيئة المحيطة بي. دائمًا ما كنت مفتونة بفكرة الكمال، بالمجهود الذي أبْذله لإُبدع ذلك الوعاء، ونفس المجهود الذي أبذله لكسره.
مع مرور الوقت، اكتشفت أن إلهامي يأتي من الناس. من الذكريات التي تدور حولهم ، والأشياء التي يُخلفونها والتجارب التي يمرون بها. أُبْدع بشكل أساسي لتوثيق أو للتعبير عن إحساس أو عاطفة معينة. ومع ذلك، يكمن استكشافي الحالي في الفن المفاهيمي.
أقوم بالتجريب مع فكرة المواجهة واستدعاء الأفكار المجتمعية المتناقضة التي تحيط بنا، من خلال محاولتي لتطوير ممارستي - ونفسي. أحاول تحقيق هذا عن طريق ازاحة طبقة "الكمال" بحذر لكشف الداخل بالتقاط تجارب الناس - الغرباء وأفراد العائلة والأصدقاء وأنا، ودمجها لرواية قصة أكبر عن الواقع الذي نعيشه.
نهجي نحو هذا المفهوم تجريبي للغاية، حيث يهدف لتنفيذ السرد من خلال وسائط متنوعة مثل التسجيلات ومقاطع الفيديو والأشياء التي تم العثور عليها والتركيبات. هذا هو ما حفز مفهوم عملي الأخير، "أسرارك تنتمي إلى المنزل" - فكرة إبداع تجربة وسرد قصص الناس وقصصي من خلال الفن هي أكثر مايثير حماسي.
من خلال عمل " سرّك في بيتك"، تبدع الفنانة حصة الزرعوني عملاً تركيبياً صوتياً يتناول الأسرار العائلية والديناميات المسامية داخل المساحات الشخصية. ومن خلال عدستها الشخصية تدمج الأصوات الذكورية والأنثوية من خلال حالات عدة من المواجهة الشخصية.
يمنحك عملها الغامر إحساسًا بأنك تختلس السمع إلى محادثات شخصية وسرية، وتوحي بنوع من أنواع التلصص الصوتي عند اختبار العمل.
وفي العمل، ينشُط مستشعر الحركة عندما يدخل فيه المشاهد ويتم من خلاله تشغيل تسجيلات مجهولة سجلّتها الفنانة من تجارب الناس الشخصية. وتعكس صراحة التبادلات المعايير والمحظورات المجتمعية في دولة الإمارات. مما تكشف بدورها الأدوار العديدة والمزدوجة التي يعيشها المجتمع داخل منازلهم وخارجها. وتضم التعبيرات المسجلّة عبارات اللوم والتعيير التي تم تطبيعها وتمكينها في محيط العائلات، بالإضافة إلى تسجيلات تكشف الكثير من المودة والحب.
ولا يعتمد العمل هنا على سرد محدد، ولكنه وعلى الرغم من غياب عناصره البصرية إلا أنه ينجح بمواضيعه الصريحة وقدرته على الوصول لشريحة كبيرة من الجمهور. فمن خلال العمل يبدو وكأن الزرعوني تكسر حرمة المنزل، ومع ذلك تقيم واجهة منزل في المعرض وكأنها تضع حاجزاً أمام الدخول إلى هذا العالم الخاص والسري.
حصة الزرعوني هي فنانة تشكيلية من دبي؛ عملت أثناء دراستها للحصول على شهادة بكالوريوس الفنون الجميلة في الفنون البصرية من جامعة زايد، مع العديد من المؤسسات مثل آرت دبي، ودبي ديزاين دايز، و براند دبي، و بينالي البندقية ولوفر أبوظبي. وقد عُرضت أعمال حصة منذ التخرج محليًا وعالميًا؛ حيث نُشرت أعمالها في هاربر بازار والذي يُمثل جزءاً من فعالية هاوس أوف بازار السنوية، وعُرضت اعمالها أيضًا في معرض بودابست الفني. تركز حصة حاليًا على تطوير ممارستها كجزء من منحة الشيخة سلامة للفنانين الناشئين وستكمل مدة المنحة البالغة عامًا في نوفمبر.