ينظم مَجمع 421 للفنون معرض "عبدالله السعدي: أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان" بإشراف القيّم طارق أبو الفتوح، ويقدّم المعرض الذي يضمّ عشرة أعمال للفنان الإماراتي عبدالله السعدي، تأملاً في مسيرته الفنية التي تمتدّ لعقودٍ عديدة. في توسعة للعرض الأول لأعمال الفنان في الجناح الوطني لدولة الإمارات ضمن الدورة الستين من بينالي البندقية الدولي للفنون في مايو 2024، تم تصميم هذه النسخة خصيصاً لأبوظبي لعرض أعماله الفريدة إلى جمهور الإمارات ومجتمع الفنون المحلي والجمهور الأوسع في الدولة للتعرف عن قرب على مسيرة السعدي الفنية.
عبدالله السعدي هو فنان تحمل ممارسته الفنية ملامح فريدة حيث يقوم بدور الرحالة والمؤرخ ورسّام الخرائط والشاعر، حيث يفكك الرموز ويحتضن الذاكرة ويروي القصص. يضم معرضه الفردي الذي يقام في مَجمع 421 للفنون أعمالاً فنية أنتجها خلال رحلاته في الطبيعة. تحمل ممارسات عبدالله السعدي أصولاً موغلة في القدم، إذ يقترح المعرض على المُشاهد التأمل في تشابه نهج ممارساته الفنية المعاصرة مع العملية الإبداعية للشعراء في شبه الجزيرة العربية منذ آلاف السنين.
في أثناء الرحلة التي تستمر لعدة أيام، يقوم السعدي بالتخييم في البرية، وبشكل تدريجي، يتولد إحساسه بالتوحد مع الطبيعة، وعندها فقط يبدأ في الرسم أو الكتابة على قماش اللوحات أو الأوراق، في تطابق للممارسة الإبداعية الشعراء العرب القدماء حين كانوا يخرجون ويرتحلون وعند الشعور بانغماسهم في الطبيعة يبدأوا في نظم الشعر. يقوم السعدي برحلاته وحده، بمصاحبة كتاب حول موضوع محدد، أو حيوانات أليفة أو وسيلة تنقل. ينعكس التواجد الحميمي لرفقاء السفر هؤلاء بشكل واضح في الأعمال الفنية التي تكتشف الأرض والمكانة التي يحتلها الإنسان فيها.
لا تظهر الطبيعة في أعمال السعدي بهدف التوثيق ولا تتضمن رسوماته ولوحاته التي تشبه الخرائط جميع العناصر المكانية والطبيعية من جبال وصحراء ووديان، حيث يخلق السعدي عالماً متخيلاً خاصاً به تحتضنه تلك الطبيعة، التي لا تخلو من عناصر من الحياة المعاصرة. فهو يختار بشكل واعٍ ودقيق الأماكن التي يحتفظ بها في لوحاته، وتلك التي تذهب طي النسيان، كلُّ ذلك ضمن عملية إبداعية فكرية وجمالية، وحسية وعاطفية في الوقت نفسه.
لا بد أن تقترن أماكن الذاكرة بشكل متوائم بأماكن أخرى للنسيان، فهما ضروريتان لعملية تكوين الذاكرة الفردية والجماعية، ومعاً تشكلان تاريخاً موازياً لذلك المعترف به والموثق رسمياً. وعلى مدار أكثر من أربعين عاماً، ابتكر السعدي من خلال فنّه روايات ذاتية فريدة، وعبر عملية أرشفة دؤوبة، يحتفظ بخرائطه وأحجاره ولُفافاته ورسوماته في صناديق معدنية ذات أشكال وأحجام مختلفة، تشبه صناديق الجدات أو صناديق الكنوز الثمينة في الروايات والأساطير، وكأنه يعمل بلا ملل للمساهمة في بناء ذاكرة جماعية، يحرص على الحفاظ عليها للمستقبل.
يدعو المعرض الزائر للدخول إلى ذلك العالم الاستثنائي الذي ابتكره عبدالله السعدي، والتجول بين معالمه الفريدة والغنية. ففي هذه الرحلة، يسلك الزائر مساراً يشابه الطرق التي يرسمها عبدالله في لوحاته ليكتشف من خلاله الأعمال الفنية المعروضة والقطع الفنية المخفية في الصناديق المعدنية. في أجواء شبيهة بالاستديو الخاص بالسعدي في خورفكان، يقوم الممثلين الذين يتواجدون باستمرار في المعرض بكشف الأعمال الفنية المخفية في الصناديق ويتفاعلون مع الزوار، ويخبرونهم القصص ويقدمون لهم المعلومات عن رحلات الفنان والذاكرة الجماعية التي يستدعيها إلى الحاضر ويحرص على الاحتفاظ بها والحفاظ عليها للمستقبل.
يصاحب المعرض العديد من الأنشطة والأدوات المصممة خصيصاً لجمهور الشباب لتفتح لهم العديد من الأبواب لدخول عالم الفن المعاصر وتتضمن جولات صوتية للبالغين والأطفال، وكتب الشعر المكتوبة بطريقة برايل، والملصقات المصممة لتناسب جميع أفراد العائلة، والمعاجم التي تقدم تفسيرات للمفاهيم والتعبيرات المتعلقة بسياق المعرض.
يمكنكم الحصول على دليل الأنشطة الخاصة بالمعرض على الرابط هنا.
لترتيب الزيارات المدرسية، يرجى التواصل معنا على بريد إلكتروني hello@421.online.
يمكنكم الحصول على الحزمة الإعلامية الخاصة بالمعرض على الرابط هنا.
نبذة عن الفنانة:
عبدالله السعدي فنان إماراتي يعيش ويعمل في خورفكان، وهو أحد أعضاء "مجموعة الخمسة" رواد الفن المفاهيمي الذين عزّزوا المشهد الفني المعاصر في الإمارات العربية المتحدة منذ فترة الثمانينيات، وأثّروا على جيل كامل من الفنانين في المنطقة. درس السعدي الأدب الإنجليزي في جامعة الإمارات العربية المتحدة في العين، والتحق بعدها بجامعة كيوتو سيكا في اليابان حيث درس فن الرسم الياباني بين عامي 1994 و1996.
تتنوع أعمال عبدالله السعدي بين الرسم وإنشاء دفاتر يوميات فنية مطوّلة،تضم مرجع تجميع وتصنيف الأشياء التي يعثر عليها بشكل منهجي، وصولاً إلى اختراع أبجديات جديدة. ويتسم نهجه الفني بارتباط وثيق بالطبيعة والحياة الريفية، حيث يستكشف البيئات المحلية ويتناول تقاطعات التاريخ الثقافي والشخصي.
شارك عبدالله السعدي في العديد من المعارض الجماعية والفردية محلياً ودولياً، أحدثها "عبدالله السعدي: أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان" عام 2024 في الجناح الوطني لدولة الإمارات في المعرض الدولي الـ 60 للفنون ببينالي البندقية، وفي عام 2021، تم إضافة عمله "ترحال" إلى الأعمال الدائمة في إطار "برنامج الفنون البصرية في الأماكن العامة" لإكسبو 2020 دبي. كما شارك في بينالي الشارقة 12 و13 (2015، 2017)؛ والدورة الـ54 والـ56 للمعرض الدولي للفنون ببينالي البندقية (2011، 2015)؛ وفي معرض "هنا وهناك" في المتحف الجديد، نيويورك (2014). قدّم معرضاً فردياً بعنوان "الطوبي" في مؤسسة الشارقة للفنون عام 2014، وشارك في معرض "تعابير إماراتية، رؤية تتحقق" في منارة السعديات، أبوظبي (2013)؛ وفي معرض "لغات الصحراء" في متحف الفن (كونستميوزيوم) في بون (2005)؛ وفي بينالي سان باولو (2004)؛ وفي معرض "فن الخمسة من الإمارات العربية المتحدة" في منتدى لودفيغ للفن الدولي، آخن، ألمانيا (2002).
نبذة عن القيّم الفني
طارق أبو الفتوح قيم فني مستقل يقيم ويعمل في بروكسل. تضم قائمة المشاريع التقييمية السابقة لطارق أبو الفتوح: "طيف الخيال" المعرض الفردي للفنان ويليام كينتردج مع مؤسسة الشارقة للفنون (2024)؛ "عبدالله السعدي: أماكن للذاكرة.. أماكن للنسيان" في الجناح الوطني لدولة الإمارات في المعرض الدولي الـ 60 للفنون ببينالي البندقية (2024)؛، و"برنامج الفنون البصرية في الأماكن العامة" لمعرض إكسبو 2020 دبي (2019–2021)؛ "دروب الطوايا"، وهو فعالية عروض أداء سنوية قُدمت خلال معرض فن أبوظبي (2013–2018)؛ معرضي "طقوس الإشارات والتحولات" (2018) و"أسير عاشق" (2017) في متحف الطوب الأحمر للفن في بكين؛ "وقت خارج الزمن" بالتعاون بين مؤسسة الشارقة للفنون والمجمع الثقافي الآسيوي في غوانجو، كوريا الجنوبية (2016)؛ "لئلا يلتقي البحران" في متحف الفن الحديث في وارسو (2015)؛ معرض "أشغال داخلية 6" في أشكال ألوان، بيروت (2013)؛ بينالي الشارقة 9 (2009)؛ مهرجان "عن صورة الذات" في مكتبة الإسكندرية ومسرح الجراج، الإسكندرية (2004)؛ "نوافذ" (مهرجان متعدد التخصصات للفنون المعاصرة) في المنيا والقاهرة (2004)؛ "ارتباك" في بيت ثقافات العالم، برلين (2003)؛ "في الجراج" في مركز الجيزويت الثقافي، الإسكندرية (2000).
شغل أبوالفتوح منصب قيم أول ومدير قسم فنون الأداء في مؤسسة الشارقة للفنون (2024 - 2021)، وقد أسس أبو الفتوح مبادرات مبتكرة في العالم العربي، وسعى إلى تطوير الحوار بين الفنانين والفاعلين في المجال الفني والثقافي على الصعيدين الإقليمي والدولي. وهو أيضاً مؤسس "صندوق شباب المسرح العربي" (YATF) الذي أصبح اسمه اعتباراً من عام 2015 "مفردات"، وهي مؤسسة تعمل على خلق فرص للفنانات والفنانين من العالم العربي بأسلوب ابتكاري في التمويل والتكليف والتعاون والتجمع، ومقرها بروكسل. وفي عام 2003، قام أبو الفتوح بإطلاق مهرجان "نقاط لقاء للفنون المعاصرة" (MP)، وهو مهرجان متعدد التخصصات للفنون المعاصرة ، وقام بتقييم النسخ الأربع الأولى من المهرجان (نقاط لقاء 1 إلى 4) والتي أُقيمت في عدة مدن في العالم العربي. وقد عمل مديراً فنياً في النسخة السابعة بالتعاون مع المجموعة الفنية "دبليو إيتش دبليو" (WHW) من مدينة زغرب (2013-2014)، وعمل مع القيّم أوكوي إنويزور على النسخة السادسة (2011–2012)، و مع القيّمة فري ليسين على النسخة الخامسة (2007–2008).